السبت، 13 مارس 2021

البقرة ايه ٦٠ ، ٦١

 وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ


سورة البقرة الاية رقم 60
معانى الكلمات
فانفجرت : فانشقت و سالت بكثرة 
مشربهم : موضع شربهم 
ولا تعثوا في الأرض : لا تفسدوا فيها 
مفسدين : متمادين في الفساد
تفسير  الشيخ الشعراوى رحمة الله 
ومعناها: اذكر إذا استسقى موسى لقومه. 
 وهذه وردت كما بينا في عدة آيات في قوله تعالى: {وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَونَ يَسُومُونَكُمْ سواء العذاب} [الأعراف: 141]
 وقول سبحانه: {وَإِذْ وَاعَدْنَا موسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [البقرة: 51] وقوله جل جلاله: {وَإِذْ قُلْتُمْ ياموسى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حتى نَرَى الله جَهْرَةً} [البقرة: 55]
 وقلنا أن هذه كلها نعم امتن الله بها على بني إسرائيل وهو سبحانه وتعالى يذكرهم بها ، إما مباشرة وإما على لسان موسى عليه السلام، والحق يريد أن يذكر بني إسرائيل حينما تاهوا في الصحراء أنه أظلهم بالغمام. .
 وسقاهم حين طلبوا السقيا. . ولقد وصلت ندرة الماء عند بني إسرائيل لدرجة أنهم لم يجدوا ما يشربونه. 
 لأن الإنسان يبدأ الجفاف عنده لعدم وجود ماء يسقي به زرعه. . ثم يقل الماء فلا يجد ما يسقي به أنعامه. 
 ثم يقل الماء فلا يجد ما يشربه. 
 وهذا هو قمة الجفاف أو الجدب. 
 وموسى عليه السلام طلب السقيا من الله تبارك وتعالى. 
 ولا تطلب السقيا من الله إلا إذا كانت الأسباب قد نفدت. . وانتهت آخر نقطة من الماء عندهم؛ فالماء مصدر الحياة ينزله الله من السماء. 
 وينزله نقيا طاهرا صالحا للشرب والري والزرع وسقيا الأنعام. . والحق سبحانه وتعالى جعل ثلاثة أرباع الأرض ماء والربع يابسا. . حتى تكون مساحة سطح الماء المعرضة للتبخّر بواسطة أشعة الشمس كبيرة جدا فتسهل عملية البخر؛ فإنك إذا جئت بكوب ماء وتركته في حجرة مغلقة لمدة يومين أو ثلاثة. 
ثم عدت تجده ناقصا قيراطا أو قيراطين. ولكن إذا أمسكت ما في الكوب من ماء وألقيته على أرض الحجرة. . فأنه يجف قبل أن تغادرها لماذا؟ . . لأن مساحة سطح الماء هنا كبيرة. . ولذلك يتم البخر بسرعة ولا يستغرق وقتا.
 وهذه هي النظرية نفسها التي تتم في الكون. الله تبارك وتعالى جعل سطح الماء ثلاثة أرباع الأرض ليتم البخر في سرعة وسهولة. . فيتكون السحاب وينزل المطر نأخذ منه ما نحتاج إليه، والباقي يكون ينابيع في الأرض، مصداقا لقوله تبارك وتعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أَنزَلَ مِنَ السمآء مَآءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأرض} [الزمر: 21] هذه الينابيع تذهب إلى أماكن لا يصلها المطر.
 ليشرب منها الناس مِمّا نُسميه الآبار أو المياه الجوفية. . وتشرب منها أنعامهم. . فإذا حدث جفاف يخرج الناس رجالا ونساء وصبيانا وشيوخا. يتضرعون إلى الله ليمطرهم بالماء. . ونحن إذا توسلنا بأطفالنا الرضع وبالضعفاء يمطرنا الله.
 وبعض الناس يقولون أن المطر ينزل بقوانين علمية ثابتة. . يصعد البخار من البحار ويصبح سحابا في طبقات الجو العليا ثم ينزل مطرا. . تلك هي القوانين الثابتة لنزوله.
 وأن السحاب لابد أن يكون ارتفاعه عدد كذا من الأمتار.
ليصل إلى برودة الجو التي تجعله ينزل مطرا. ولابد أن يكون السحاب ملقحا. 
نقول أن هذا كله مرتبط بمتغيرات.
 فالريح تهب أو لا تهب. وتحمل السحاب إلى منطقة عالية باردة ولا تحمله وغير ذلك. 
إذن فكل ثابت محمول على متغير. 
 قد تعرف أنت القوانين الثابتة. 
ولكن القوانين المتغيرة لا يمكن أن تنبأ بما ستفعل ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى: {وَأَلَّوِ استقاموا عَلَى الطريقة لأَسْقَيْنَاهُم مَّآءً غَدَقاً} [الجن: 16] إذن فعوامل سقوط المطر لا تخضع لقوانين ثابتة. ولكن المتغير هو العامل الحاسم.
 ليسوق السحاب إلى المناطق الباردة وإلى الارتفاع المطلوب. . ولابد أن نتنبه إلى أن هناك قوانين ثابتة في الكون وقوانين تتغير. . وأن القانون المتغير هو الذي يحدث التغيير. وقوله تعالى: {وَإِذِ استسقى موسى لِقَوْمِهِ} . . تدل على أن هناك مُستسقى بفتح القاف وأن هناك مستسقي بكسر القاف. . مستسقي بكسر القاف أي ضارع إلى الله لينزل المطر. . أما المستسقى بفتح القاف فهو الله سبحانه وتعالى الذي ينزل المطر. . إن هذا الموقف خاص بالله تبارك وتعالى فلا توجد مخازن للمياه وليس هناك ماء في الأرض. . من أنهار أو آبار أو عيون ولا ملجأ إلا الله. . فلابد من التوسل لله تبارك وتعالى: عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أن عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه كان إذا قحطوا استسقي بالعباس بن المطلب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا قال: فيُسقون « بعض الناس يقولون هذا دليل على أن الميت لا يستعان به. . بدليل أن عمر ابن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه لم يتوسل برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بعد موته، وإنما توسل بعم رسول الله. . نقول وبمن توسل عمر؟ . . أتوسل بالعباس أم بعم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؟ . . توسل بالرسول، وبذلك أخذنا الحجة أن الوسيلة ليست مقصورة على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. . وإنما تتعدى إلى أقاربه. . وهنا يأتي سؤال لماذا نقل الأمر من رسول الله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ إلى عم الرسول؟ . . نقول لأن رسول الله قد انتقل ولا ينتفع الآن بالماء. . ولكن عمه العباس هو الحي الذي ينتفع بالماء. . لذلك كان التوسل بعم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. ولم يكن منطقيا أن يتوسلوا برسول الله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ وهو ميت ولا يحتاج إلى الماء. . والذين أرادوا أن يأخذوا التوسل بذوي الجاه. . نقول لهم أن الحديث ضدكم وليس معكم. . لأنه أثبت أن التوسل جائز بمن ينتسب إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. لابد أن نتحدث كيف أن الحق سبحانه وتعالى بعد أن قابل بنو إسرائيل النعمة بالجحود والنكران فكيف يسقيهم؟ . . نقول إنها النبوة الرحيمة التي كانت السبب في تنزل الرحمة تلو الرحمة على بني إسرائيل. . وكان طمع موسى في رحمة الله بلا حدود. . ولذلك فإن الدعوات كانت تتوالى من موسى عليه السلام لقومه. . وكانت الاستجابة من الله تأتي. كان من المفروض لاستكمال المعنى أن يقال وإذا استسقى موسى ربه لقومه فقال يا رب اسقهم. . ولكن هذه لم تأت حذفت وجاء بعدها الإجابة: {وَإِذِ استسقى موسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضرب بِّعَصَاكَ الحجر} . . إذن قوله يا رب اسق قومي واستجابة الله له محذوفة لأنها مفهومة. . ولذلك جاء القرآن باللفتات الأساسية وترك اللفتات المفهومة لذكاء الناس. . تماما كما جاء في سورة النمل: الهدهد ذهب ورأى ملكة بلقيس وعرشها. وعاد إلى سليمان وأخبره. فطلب سليمان من الهدهد أن يلقي إلى ملكة سبأ وقومها كتابا وقال: {اذهب بِّكِتَابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فانظر مَاذَا يَرْجِعُونَ قَالَتْ ياأيها الملأ إني أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} [النمل: 28 - 29] فسليمان أمر الهدهد أن يلقي كتابا إلى بلقيس وقومها. . والآية التي بعدها جاءت بقوله تعالى: قالت {ياأيها الملأ إني أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} كل التفاصيل حذفت من أن الهدهد أخذ الكتاب وطار إلى مملكة سبأ وألقى الكتاب أمام عرشها. . والتقطت بلقيس ملكة سبأ الكتاب وقرأته. . ودعت قومها وبدأت تروي إليهم قصة الكتاب. . كل هذا حُذف لأنه مفهوم. قال موسى يا رب اسق قومي. . والله سبحانه وتعالى قال له: إن أردت الماء لقومك. . كل هذا محذوف. . وتأتي الآية الكريمة: {اضرب بِّعَصَاكَ الحجر} . {اضرب بِّعَصَاكَ الحجر} لنا معها وقفة. . الإنسان حين يستسقي الله. . يطلب منه أن ينزل عليه مطرا من السماء، والحق تبارك وتعالى كان قادرا على أن ينزل على بني إسرائيل مطرا من السماء. ولكن الله جل جلاله أراد المعجزة. . فقال سأمدكم بماء ولكن من جنس ما منعكم الماء وهو الحجر الموجود تحت أرجلكم. . لن أعطيكم ماء من السماء. . ولكن الله سبحانه وتعالى أراد أن يُرِي بني إسرائيل مدى الإعجاز. . فأعطاهم الماء من الحجر الذي تحت أرجلهم. ولكن من الذي يتأثر بالضرب: الحجر أم العصا؟ . . العصا هي التي تتأثر وتتحطم والحجر لا يحدث فيه شيء. . ولكن الله سبحانه وتعالى أراد بضربة واحدة من العصا أن ينفلق الحجر. . ولذلك يقول الشاعر: أيا هازئاً من صنوف القدرْ ... بنفسك تعنف لا بالقدرْ ويا ضاربا صخرةً بالعصا ... ضربْتَ العصا أم ضربْتَ الحجرْ إن انفجار الماء من ضربة العصا دليل على أن العصا أشارت فقط إلى الصخرة فتفجر منها الماء. . وحتى لو كانت العصا من حديد. . هل تكون قادرة على أن تجعل الماء ينبع من الحجر؟ فالحق سبحانه وتعالى يريد أن يلفتنا إلى أنه كان من الممكن أن ينزل الماء من السماء. . ولكن الله أرادها نعمة مركبة. . ليعلموا أنه يستطيع أن يأتي الماء من الحجر الصلب. . وأن نبع الماء من متعلقات «كن» . هنا لابد أن ننظر إلى تعنت بني إسرائيل. قالوا لموسى هب أننا في مكان لا حجر فيه. من أين ينبع الماء؟ . . لابد أن نأخذ معنا الحجر حتى إذا عطشنا نضرب الحجر بالعصا. . ونسوا أن هناك ما يتم بالأسباب وما يتم بكلمة «كن» . . ولذلك تجد مثلا كبار الأطباء يحتارون في علاج مريض. . ثم يشفى على يد طبيب ناشئ حديث التخرج. . هل هذا الطبيب الناشئ يعرف أكثر من أساتذته الذين علموه؟ . . الجواب طبعا لا. إن التلميذ لا يتفوق على أستاذه الذي علمه فليس العلاج بالأسباب وحدها ولكن بقدرة المسبب. . ولذلك جاء موعد الشفاء على يد هذا الطبيب الناشئ. . فكشف الله له الداء وألهمه الدواء. يقول الحق سبحانه وتعالى: {فانفجرت مِنْهُ اثنتا عَشْرَةَ عَيْناً} لماذا اثنتا عشرة عينا. لأن اليهود كانوا يعيشون حياة انعزال. كل مجموعة منهم كانت تسمى «سبطا» لها شيخ مثل شيخ القبيلة. . والحق تبارك وتعالى يقول: {قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ} أي كل سبط أو مجموعة ذهبت لمشرب. . نبعت العيون من الحجر امتدت متشعبة إلى الأسباط جميعا كل في مكانه. . فإذا ما أخذوا حاجتهم ضرب موسى الحجر فيجف. ولذلك نعرف أن الحجر كان يعطيهم الماء على قدر الحاجة وكانت الجهة السفلى من الحجر الملامسة للأرض. . والجهة العليا التي ضرب عليها بالعصا لم ينبع منهما شيء، أما باقي الجهات الأربع فقد نبع منها كل منها ثلاثة ينابيع. وهناك شيء في اللغة يسمونه اللفظ المشترك. . وهو الذي يستخدم في معانٍ متعددة. . فإذا قلت سقى القوم دوابهم من العين. . العين هنا عين الماء. . وإذا قلت أرسل الأمير عيونه في المدينة يعني أرسل جنوده. . وإذا قلت اشتريته بعين أي بذهب. . وإذا قلت نظر إلي بعينه شذرا أي ببصره. . إذن كلمة عين تستخدم في أشياء متعددة. . ومعناها هنا عين الماء الجارية. قوله تعالى: {قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ} أي أن كل سبط عرف مكانه الذي يلزمه. . حتى لا يضيع من كل منهم الماء. . ولكن الإنسان حينما يكون مضطرا يلتزم بما يطلبه الله منه ويكون ملتزما بالأداء، فإذا فرج الله كربه وعادت إليه النعمة يعود إلى طغيانه. . ولذلك يقول الحق جل جلاله فيها: {كُلُواْ واشربوا مِن رِّزْقِ الله وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرض مُفْسِدِينَ} أي لا يكون شكركم على النعمة بالإفساد في الأرض. . واقرأ قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُواْ مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ واشكروا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُواْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ العرم وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ} [سبأ: 15 - 15] هنا نرى أن أهل سبأ رزقهم الله فأعرضوا عن شكره. . كانوا يتيهون بالسد الذي يحفظ لهم مياه الأمطار. . ويمدهم بما يحتاجون إليه منها طوال العام، وأخذوا يتفاخرون بعلمهم ونسوا الله الذي علمهم. . فكان هذا السد هو النكبة أو الكارثة التي أهلكت زرعهم. . كذلك حدث لبني إسرائيل، قيل لهم: {كُلُواْ واشربوا مِن رِّزْقِ الله وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرض مُفْسِدِينَ} فأفسدوا في الأرض ونسوا نعمة الله فنزل بهم العذاب.-

وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ


سورة البقرة الاية رقم 61
معانى الكلمات
وفومها : الحنطة ، أو الثوم وضُربت عليهم : أحاطت بهم أو ألصقت بهم الذلّة : الذلّ و الصّغار و الهوان والمسكنة : فقر النفس و شحّها وباءوا بغضب : رجعوا به مستحقين له
تفسير الشعراوى
هذه الآية الكريمة أيضا من آيات التذكير بنعم الله سبحانه وتعالى على موسى وعلى بني إسرائيل. . وكنا قد تعرضنا لمعنى طعام واحد عند ذكر المن والسلوى. . وقلنا أن تكرار نزول المن والسلوى كل يوم جعل الطعام لونا واحدا. . وكلمة واحد هي أول العدد. . فإذا إنضم إليه مثله يصير اثنين. . وإذا إنضم إليه مثله يصبح ثلاثة. . إذن فأصل العدد هو الواحد. . والواحد يدل على وحدة الفرد ولا يدل على وحدانية. . فإذا قلنا الله واحد فإن ذلك يعني أنه ليس كمثله أحد. . ولكنه لا يعني أنه ليس مكونا من أجزاء. . فأنت لست واحداً ولست أحداً لأنك مكون من أجزاء كما أن هناك من يشبهونك. . والشمس في مجموعتنا واحدة ولكنها ليست أحداً لأنها مكونة من أجزاء وتتفاعل. . والله سبحانه وتعالى واحد ليس كمثله شيء. . وأحد ليس مكونا من أجزاء. . ولذلك من أسمائه الحسنى الواحد الأحد. . ولا نقول أن الاسم مكرر فهذه تعني الفردية، وهذه تنفي التجزئة. وقوله تعالى: {لَن نَّصْبِرَ على طَعَامٍ وَاحِدٍ} . . نلاحظ هنا أن الطعام وُصف بأنه واحد رغم أنه مكون من صنفين هما المن والسلوى. . ولكنه واحد لرتابة نزوله. . الطعام كان يأتيهم من السماء. . ولكن تعنتهم مع الله جعلهم لا يصبرون عليه فقالوا ما يدرينا لعله لا يأتي. . نريد طعاما نزرعه بأيدينا ويكون طوال الوقت أمام عيوننا. . وكأن هذه المعجزات كلها ليست كافية. . لتعطيهم الثقة في استمرار رزق الله. . إنهم يريدون أن يروا. . ألم يقولوا لموسى: {أَرِنَا الله جَهْرَةً} . . ماذا طلبوا؟ . . قالوا: {فادع لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأرض} . . {ادع لَنَا رَبَّكَ} أي أطلب من الله. . ولأن الدعاء لون من الطلب فإنك حين تتوجه إلى الله طالبا أن يعطيك. . فإنك تدعو بذلة الداعي أمام عزة المدعو. . والطلب إن كان من أدنى إلى أعلى قيل دعاء. . ومن مساوٍ إلى مساوٍ قيل طلب. . ومن أعلى إلى أدنى قيل أمر. . لقد طلب بنو إسرائيل من موسى أن يدعو الله سبحانه وتعالى أن يخرج لهم أطعمة مما تنبت الأرض. . وعددوا ألوان الأطعمة المطلوبة. . وقالوا: {مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا} . . ولكنها كلها أصناف تدل على أن من يأكلها هم من صنف العبيد. . والمعروف أن آل فرعون إستعبدوا بني إسرائيل. . ويبدو أن بني إسرائيل أحبوا حياة العبودية واستطعموها. . الحق تبارك وتعالى كان يريد أن يرفع قدرهم فنزل عليهم المن والسلوى. . ولكنهم فضلوا طعام العبيد. . والبقل ليس مقصوداً به البقول فحسب. . ولكنه كل نبات لا ساق له مثل الخس والفجل والكرات والجرجير. . والقثاء هو القتة صنف من الخيار. . والفوم هو القمح أو الثوم. والعدس والبصل معروفان. . والله سبحانه وتعالى قبل أن يجيبهم أراد أن يؤنبهم: فقال {أَتَسْتَبْدِلُونَ الذي هُوَ أدنى بالذي هُوَ خَيْرٌ} . . عندما نسمع كلمة استبدال فاعلم أن الباء تدخل على المتروك. . تقول إشتريت الثوب بدرهم. . يكون معنى ذلك إنك أخذت الثوب وتركت الدرهم. قوله تعالى: {الذي هُوَ أدنى بالذي هُوَ خَيْرٌ} . . أي انهم تركوا الذي هو خير وهو المن والسلوى. . وأخذوا الذي هو أدنى. . والدنو هنا لا يعني الدناءة. . لأن ما تنتجه الأرض من نعم الله لا يمكن أن يوصف بالدناءة. . ولكن الله تبارك وتعالى يخلق بالأسباب ويخلق بالأمر المباشر. . ما يخلقه الله بالأمر المباشر منه بكلمة «كن» . . يكون خيرا مما جاء بالأسباب. . لأن الخلق المباشر لا صفة لك فيه. . عطاء خالص من الله. . أما الخالق بالأسباب فقد يكون لك دور فيه. . كأن تحرث الأرض أو تبذر البذور. . ما جاء خالصا من الله بدون أسبابك يقترب من عطاء الآخرة التي يعطي الله فيها بلا أسباب ولكن بكلمة «كن» . . ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى: {وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الحياة الدنيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وأبقى} [طه: 131] فالله تبارك وتعالى يصف رزق الدنيا بأنه فتنة. . ويصف رزق الآخرة بأنه خير منه. . مع أن رزق الدنيا والآخرة، وكل رزق في هذا الوجود حتى الرزق الحرام هو من الله جل جلاله. . فلا رازق إلا الله ولكن الذي يجعل الرزق حراما هو استعجال الناس عليه فيأخذونه بطريق حرام. . ولو صبروا لجاءهم حلالا. . نقول إن الله سبحانه وتعالى هو الذي يرزق. . ولكنه سمى رزقا فتنة وسمى رزقا خيرا منه. . ذلك أن الرزق من الله بدون أسباب أعلى وأفضل منزلة من الرزق الذي يتم بالأسباب. . إذن الحق سبحانه وتعالى حين يقول: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الذي هُوَ أدنى بالذي هُوَ خَيْرٌ} . . يكون المعنى أتستبدلون الذي هو رزق مباشر من الله تبارك وتعالى. . وهو المن والسلوى يأتيكم «بكن» قريب من رزق الآخرة بما هو أقل منه درجة وهو رزق الأسباب في الدنيا. . ولم يجب بنو إسرائيل على هذا التأنيب. . وقال لهم الحق سبحانه وتعالى: {اهبطوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَّا سَأَلْتُمْ} . . ولا يقال لهم ذلك إلا لأنهم أصروا على الطلب برغم أن الحق جل جلاله بين لهم أن ما ينزله إليهم خير مما يطلبونه.. نلاحظ هنا أن مصر جاءت منوّنةً. . ولكن كلمة مصر حين ترد في القرآن الكريم لا ترد منونة. . ومن شرف مصر أنها ذكرت أكثر من مرة في القرآن الكريم. . نلاحظ أن مصر حينما يقصد بها وادي النيل لا يأتي أبدا منونة وإقرأ قوله تعالى: {تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً} [يونس: 87] وقوله جل جلاله: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وهذه الأنهار تَجْرِي مِن تحتي} [الزخرف: 51] وقوله سبحانه: {وَقَالَ الذي اشتراه مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ} [يوسف: 21] وقوله تبارك وتعالى: {ادخلوا مِصْرَ إِن شَآءَ الله آمِنِينَ} [يوسف: 99] كلمة مصر ذكرت في الآيات الأربع السابقة بغير تنوين. . ولكن في الآية التي نحن بصددها: {اهبطوا مِصْراً} بالتنوين. . هل مصر هذه هي مصر الواردة في الآيات المشار إليها؟ . . نقول لا. . لأن الشيء الممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث. . إذا كان لبقعة أو مكان. . مرة تلحظ أنه بقعة فيبقى مؤنثاً. . ومرة تلحظ أنه مكان فيكون مذكرا. . فإن كان بقعةً فهو علم ممنوع من الصرف. . وإن كان مكانا تكون فيه علمية وليس فيه تأنيث. . ومرة تكون هناك علمية وأهمية ولكن الله صرفها في القرآن الكريم. . كلمات نوح ولوط وشعيب ومحمد وهود. . كل هذه الأسماء كان مفروضا أن تمنع من الصرف ولكنها صرفت. . فقيل في القرآن الكريم نوحا ولوط وشعيبا ومحمدا وهودا. . إذن فهل من الممكن أن تكون مصر التي جاءت في قوله تعالى: {اهبطوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَّا سَأَلْتُمْ} هي مصر التي عاشوا فيها وسط حكم فرعون. . قوله تعالى: {اهبطوا مِصْراً} من الممكن أن يكون المعنى أي مصر من الأمصار. . ومن الممكن أن تكون مصر التي عاش فيها فرعون. . وكلمة مصر تطلق على كل مكان له مفتي وأمير وقاض. . وهي مأخوذة من الاقتطاع. . لأنه مكان يقطع إمتداد الأرض الخلاء. . ولكن الثابت في القرآن الكريم. . إن مصر التي لم تنون هي علم على مصر التي نعيش فيها. . أما مصراً التي خضعت للتنوين فهي تعني كل وادٍ فيه زرع. . وقوله تعالى: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذلة والمسكنة} . . الذلة هي المشقة التي تؤدي إلى الإنكسار. . ويمكن أن ترفع عنك بأن تكون في حمى غيرك فيعزك بأن يقول إنك في حماه. . والله سبحانه وتعالى يقول عن بني إسرائيل: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذلة أَيْنَ مَا ثقفوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ الله وَحَبْلٍ مِّنَ الناس} [آل عمران: 112] حبل من الله كما حدث عندما عاهدهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في المدينة. . وعاشوا في حمى العهد. . إذن بحبل من الله أي على يد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أو المؤمنين به. . وبحبل من الناس أي في حماية دولة قوية كالولايات المتحدة الأمريكية. . إذا عاهدتهم عزوا وإن تركتهم ذلوا. . وقوله تعالى: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذلة} ضربت أي طبعت طبعة قوية بضربة قوية تجعل الكتابة بارزة على النقود. . ولذلك يقال ضربت في مصر. . أي أعدت بضربة قوية أذلتهم وبقيت بارزة لا يستطيعون محوها. . أما المسكنة فهي انكسار في الهيئة. أهل الكتاب كانوا يدفعون الجزية والجزية كانت تؤخذ من الأغنياء. . وكانوا يلبسون الملابس القذرة. . ويقفون في موقف الذل والخزي حتى لا يدفعوا الجزية. وقوله تعالى: {وَبَآءُو بِغَضَبٍ مِّنَ الله} . . أي غضب الله عليهم بذنوبهم وعصيانهم. حتى أصبح الغضب من كثرة عصيانهم كأنه سمة من سماتهم لماذا؟ : {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ الله وَيَقْتُلُونَ النبيين بِغَيْرِ الحق ذلك بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} أي أنهم كانوا يكفرون بالنعم ولا يشكرون. . ويكفرون بالآيات ويشترون بها ثمنا قليلا. . ولم يكتفوا بذلك بل كانوا يقتلون أنبياء الله بغير حق. . الأنبياء غير الرسل. . والأنبياء أسوة سلوكية ولكنهم لا يأتون بمنهج جديد. .
 أما الرسل فهم أنبياء بأنهم أسوة سلوكية ورسل لأنهم جاءوا بمنهج جديد. .
 ولذلك كل رسول نبي وليس كل نبي رسولا. 
والله سبحانه وتعالى يعصم أنبياءه ورسله من الخطيئة. .
 ولكنه يعصم رسله من القتل فلا يقدر عليهم أعداؤهم. . فمجيء الأنبياء ضرورة. . لأنهم نماذج سلوكية تسهل على الناس التزامهم بالمنهج، وبنو إسرائيل بعث الله لهم أنبياء ليقتدوا بهم فقتلوهم. . 
لماذا؟ . . لأنهم فضحوا كذبهم وفسقهم وعدم التزامهم بالمنهج. . ولذلك تجد الكافر والعاصي وغير الملتزم يغار ويكره الملتزم بمنهج الله. . ويحاول إزالته عن طريقه ولو بالقتل. . إذن فغضب الله عليهم من عصيانهم واعتدائهم على الأنبياء وما ارتكبوه من آثام.

الأحد، 7 فبراير 2021

الحب في القران

  قال  تعالي (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) [عبس] 

قال الله تعالي {والحب ذو العصف والريحان،فبأي آلاء ربكما تكذبان} "الرحمن: 12-13"
ذكر الحب في القرآن الكريم اثنتي عشرة مرة...

وذكرت السنابل في القرآن الكريم خمس مرات...

والحَب هو حبُ البُر والشعير 
وعندما نتأمل هذه الآيات الكريمة بتدبر نجد أن الآية التي تفردت بوصف الحب أنه الحب ذو العصف هي {والحب ذو العصف والريحان} "الرحمن: 12"، فما هو العصف وما هي وجوه الإعجاز العلمي فيه.

وجاءت هذه الآية الكريمة {والحب ذو العصف والريحان} خاتمة لمطلع السورة القرآنية والمقطع الأول منها بعد استفتاحها بالمنة الكبرى على الإنسان بتعليم القرآن وتتتابع آلاء الله... الشمس والقمر... النجم والشجر... السماء المرفوعة... الميزان الموضوع... الأرض الموضوعة... الفاكهة والنخل... ثم الحب ذو العصف والريحان...


فأي حب هذا وأي عصف كان عصف الحب  وأية ريحانة كانت...

لم يكن يُعرف في الماضي أية فائدة للعصف للاستعمال الآدمي مع ذكره من آلاء الله المبهرة في القرآن الكريم.
وقصر المفسرون فوائده على أنه علف الدواب فحسب.


والعلم الحديث يثبت أن ما كان عليه علم الأولين قاصرًا على أن العصف علف دابة فحسب، فقد أصبح اليوم شفاء لأمراض مستعصية أعيت الأطباء والعلماء على مر الزمن.

وصدق الله تعالى: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق}.

والحب ذو العصف  ( الحبوب الكاملة )

قال تعالى: “ والأرض وضعها للأنام * فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام * والحب ذو العصف ” سورة الرحمن…. في مؤتمر الجزائر العالمي عن الإعجاز الطبي والعلمي في الفرآن (23 -24 شباط 2009 ) ألقيت محاضرة حول الإعجاز الطبي في هذه الآية  .. ففي معرض ذكره سبحانه عن النعم التي أنعم بها على عباده. وبعد ذكر الفاكهة والنخل .. ذكر الحب … وتشمل كل الحبوب من قمح وشعير وسواها والتي تعتبر الغذاء الأول  للبشر وخاصة في صنع الغذاء الرئيسي للبشر ( الخبز) . لكنه سبحانه ألحق الحب بكلمة  “ذو العصف” وشرحها المحاضر  بأنها ( الحبوب بقشورها) وقشور الحبوب هي التي نسميها ” النخالة”ونبين إعجاز النص القرآني الطبي من خلال معرفتنا للفوائد الهامة التي يجنيها الإنسان من تناولها.

فالنخالة إذا نزعت من الحبوب بنخل الطحين حصلنا على الطحين الأبيض والذي يصنع منه الخبزالأبيض ( النقي) أما إذا بقيت النخالة مع الطحين فهو الطحين الكامل الأسمر ( طحين القمح مع النخالة)..ونخالة القمح أو الشعير التي تنزع منه تحوي القدر الأكبر من الفيتامينات والأملاح المعدنية والألياف التي فيها سر قوته والمنافع الطبية الكبيرة التي يقدمها للبدن.

.فعندما تنزع هذه القشور. أي تفصل النخالة عن الطحين- نخسر كل ما فيها من أملاح معدنية وفيتامينات وألياف سللوزية, ونخسر ما تقدمه للعضوية من منافع جمة … وينصح الأطباء اليوم المرضى, وبخاصة مرضى السكري والقلب وضغط الدم, بتناول القمح كاملاً مع قشوره(النخالة) هذه الفوائد لم يتم التعرف عليها إلا في القرن العشرين.

فالنخالة تحوي الأملاح المعدنية التي يتطلبها إفراز الأنسولين _الهرمون اللازم لاستقلاب السكاكر وهذا مهم جداً للسكريين. وهناك دراسات حديثة تؤكد أهمية النخالة في الوقاية من سرطان القولون وسرطان المستقيم.... كما تبين أن القمح الكامل ضروري جداً في تغذية الأطفال, وأنه يفيدهم في الوقاية من الربو.. كما تأكد وجود عدد من مضادات الأكسدة في قشور الحبوب عموماً .. وهذه المواد تفيد في تنشيط خلايا الجسم ووقايتها من السرطان . وتبين دراسة حديثة أن تناول الحبوب مع قشورها (كاملة) مفيد لمرضى القلب وتصلب الشرايين وغيرها .

وينقل د. حسان شمسي باشا عن  دراسة للبرفسور”براساد” وهوعالم أمركي مختص بالمعادن وظواهرها الغذائية السريرية بين وصفه لحالات مرضية تتظاهر بفقر الدم وضمور الخصيتين وتضخم الكبد والطحال وتسمك الجلد وتفشره تبين له أنها ترجع لنقص الزنك في غذاء المصابين  وبعد الاستجواب الدقيق تأكد أن اعتماد المرضى الكلي في طعامهم كان على الخبز الأبيض (منزوع النخالة)  وأكد الدكتور ليون أن تناول المرضى للخبز الأسمر أو خبز النخالة يمكن أن يؤدي إلى شفاء أمثال هؤلاء المرضى.

وقد ورد في الاحاديث الصحيحة في السنة النبوية 

وعن أَنسٍ رضي الله عنه قَالَ: "لَمْ يأْكُل النَّبِيُّ ﷺ عَلَى خوَانٍ حَتَّى مَات، وَمَا أَكَلَ خُبزًا مُرَقَّقًا حَتَّى مَاتَ" رواه البُخاري.
وفي روايةٍ لَهُ: "وَلا رَأَى شَاةً سَمِيطًا بِعَيْنِهِ قطُّ". وعن النُّعمانِ بن بشيرٍ رضي اللَّه عنهما قَالَ: "لَقَدْ رَأَيْتُ نَبِيَّكُمْ ﷺ وَمَا يَجِدُ مِن الدَّقَلِ مَا يَمْلأُ بِهِ بَطْنَهُ" رواه مسلم.
 وعن سهل بن سعدٍرضي الله عنه قال: "ما رَأى رُسولُ الله ﷺ النَّقِيَّ منْ حِين ابْتعَثَهُ اللَّه تَعَالَى حتَّى قَبَضَهُ اللَّه تَعَالَى"، فقِيلَ لَهُ: هَلْ كَانَ لَكُمْ في عَهْد رسول اللَّه ﷺ مَنَاخِلُ؟ قَالَ: "مَا رَأى رسولُ اللَّه ﷺ مُنْخُلًا مِنْ حِين ابْتَعثَهُ اللَّه تَعَالَى حَتَّى قَبَضه اللَّه تَعَالَى"، فَقِيلَ لهُ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ الشَّعِيرَ غيرَ مَنْخُولٍ؟! قَالَ: "كُنَّا نَطْحَنُهُ ونَنْفُخُهُ، فَيَطِيرُ مَا طارَ، وَمَا بَقِيَ ثَرَّيْناهُ" رواه البخاري.

معاني الكلمات

 النقي :الدقيق الأبيض والذي نزعت من النخالة

وثرَّيناه: بلَّلناه بالماء

والخِوَان هو طاولة الطعام 

ونري فيما ورد لنا ، أن النبي – معلم الناس الخير- عليه الصلاة والسلام  لم يتناول (النقي) وهو الخبز المصنوع من الطحين المنخول– وقد كان معروفاً في زمانه صلي الله علية وسلم  وأمرهم أن يردوا النخالة إلى الطحين ليصنعوا الخبزالكامل والذي لم يتناول غيره صلي الله عليه وسلم ، . 

عن سهل بن سعدأن النبي صلي الله عليه وسلم  “ كان يأكل خبز الشعير غير منخول يقول أبو حازم:راوي الحديث:” سألت سهل بن سعد هل أكل رسول الله صلي آلله  عليه وسلم  النقي؟ قال:” مارأى رسول الله النقي من حين ابتعثه الله حتى قبض” رواه االبخاري…..

 وعن أنس بن مالك رضي :” ما أكل رسول الله ص على خِوَان ولا خُبِز له مرقق –  وفي رواية – وما أكل خبزاً مرققاً حتى مات”  رواه البخاري. …وعن أم أيمن أنها غربلت دقيقاً فصنعته للنبي ص رغيفاً فقال: ماهذا؟ 

 قالت: طعام كنا نصنعه بأرضنا فأحببت أن أصنع لك منه, فقال صلي الله عليه وسلم  رديه فيه ثم اعجنيه.رواه الهيثمي بإسناد حسن.

عن أنس (رضي الله عنه ) قال:” ماراى النبي ص رغيفاً محوراً بواحد من عينيه حتى لحق بالله  رواه ابن ماجه. 

الخوان: طاولة الطعام , والسكرجة إناء يوضع فيه المقبلات والكوامخ ,والمحور  هو الدقيق الذي ينخل مرة بعد مرة…… 

وإذا تأملنا نجد في هذه الاحاديث  رفض رسول الله صلى الله عليه وسلم  أكل غير موزون ،فعندما عرض عليه الدقيق الابيض ،، قال ردو عليه نخالته ، 

ولم ياكل  الرغيف الأبيض د ورفض الدقيق المنخول .. ورغب في الخبز الأسمر من الدقيق الكامل غير المنخول .

حدث هذا قبل أن يعرف العالم كله أهمية النخالة وفائدتها  في جسم الإنسان 

قبل التقدم العلمي  واكتشاف مكونات النخاله من الفيتامينات والاملاح المعدنية  والألياف ، فلم يكن لديهم الاجهزة التحليلية للكشف عن العناصر الموجودة في الأطعمة دولكن هدية صلي الله عليه وسلم كان يأكل الموزون من الطعام ويرفض تناول المحور منه والذي يفقد صفة اتزانة 

يقول الحق سبحانه وتعالي   (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ (19)سورة الحجر

وقد توصل العلم الحديث لأهمية النخاله التي تنزع ودورها في حماية الإنسان ووقايتة من الامراض مثل

 الوقاية من  سرطان القولون  

الوقاية من  الإمساك المزمن 

ولمعالجة السكري 

 يمنع حدوث الشيخوخة المبكرة

القمح الكامل يوفر للانسان جزء كبير من احتياجاتة قيمة العناصر الغذائية  في 100 جرام 

يوفر القمح  (327 سعر حراري) من الطاقة الغذائية

 وهو مصدر غني (20٪ أو أكثر من القيمة اليومية) للعديد من العناصر الغذائية الأساسية ، مثل البروتين والألياف الغذائية والمنغنيز والفوسفور والنياسين 

 تحتوي العديد من فيتامينات ب والمعادن الغذائية الأخرى على محتوى كبير.

 يحتوي القمح على 13٪ ماء 

و 71٪ كربوهيدرات 

و 1.5٪ دهون.

 يتكون محتوى البروتين البالغ 13٪ في الغالب من الغلوتين (75-80٪ من البروتين في القمح).

بروتينات القمح منخفضة الجودة لتغذية الإنسان ، وفقًا لطريقة جودة البروتين الجديدة (DIAAS) التي تروج لها منظمة الأغذية والزراعة.

  على الرغم من احتوائها على كميات كافية من الأحماض الأمينية الأساسية الأخرى ، على الأقل للبالغين ، فإن بروتينات القمح تعاني من نقص في الحمض الأميني الأساسي ، ليسين.

  نظرًا لأن البروتينات الموجودة في السويداء من القمح (بروتينات الغلوتين) فقيرة بشكل خاص في اللايسين ، فإن الدقيق الأبيض أكثر نقصًا في اللايسين مقارنة بالحبوب الكاملة.

 تُبذل جهود كبيرة في تربية النباتات لتطوير أصناف القمح الغنية باللايسين ، ولكن دون نجاح اعتبارًا من عام 20 تُستخدم المكملات الغذائية بالبروتينات من مصادر غذائية أخرى (البقوليات بشكل أساسي) بشكل شائع للتعويض عن هذا النقص  ، نظرًا لأن الحد من حمض أميني أساسي واحد يتسبب في تكسير الأحماض الأخرى وإفرازها ، وهو أمر مهم بشكل خاص خلال فترة النمو.

تحرير التأثيرات الصحية للقمح

 يستهلك القمح في جميع أنحاء العالم من قبل مليارات الأشخاص ، وهو غذاء مهم لتغذية الإنسان ، لا سيما في أقل البلدان نمواً حيث تعتبر منتجات القمح أغذية أساسية. 

 عند تناوله باعتباره الحبوب الكاملة ، يعتبر القمح مصدرًا غذائيًا صحيًا للعديد من العناصر الغذائية والألياف الغذائية الموصى بها للأطفال والبالغين ، في عدة حصص يومية تحتوي على مجموعة متنوعة من الأطعمة التي تلبي معايير غنية بالحبوب. 

قد تساعد الألياف الغذائية أيضًا الأشخاص على الشعور بالشبع وبالتالي تساعد في الحصول على وزن صحي. 

 علاوة على ذلك ، يعتبر القمح مصدرًا رئيسيًا للمكملات الغذائية الطبيعية والمدعمة بيولوجيًا ، بما في ذلك الألياف الغذائية والبروتينات والمعادن الغذائية.


فما هي النخالة ؟

النخالة أو الردة هي الطبقة الخارجية الصلبة من الحبوب، وتتكون من الآلورون مشتركاً مع الغلاف الثمري. 

وجنبا إلى جنب مع الجرثومية، هي جزء لا يتجزأ من الحبوب الكاملة، وكثيراً ما تنتج كمنتج ثانوي للمطاحن من خلال إنتاج الحبوب المكررة. 

وعندما تتم إزالة النخالة من الحبوب، تفقد الحبوب جزءاً من قيمتها الغذائية

مكونات النخالة

الفرق بين الدقيق الابيض والكامل 

مصادر البحث

1- الحقائق الطبية في الإسلام د. عبد الرزاق الكيلاني.

2- قبسات من الطب النبوي تأليف د. حسان شمسي باشا – مكتبة السوادي –جدة  السعودية

٣_ موقع د محمد نزار الدقر

فلينظر الانسان الي طعامة

فلينظر الإنسان إلى طعامه {فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32) } [عبس] {فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ} :

 علي الإنسان أن ينظر ويتفكر في آلاء الله والتي منها الطعام الذي يأكله.

 من الذي أنزل المطر إلى السماء فصبه على تلك الأراضي الجرداء صباً حتى سقاها وأحياها بعد موتها , ومن الذي شقها ليخرج منها هذا النبات وهذه الألوان المختلفة من الثمار, منها الحب والفاكهة والقضب والزيوت والحدائق وارفة الظلال, لتكفي طعام الإنسان وطعام الأنعام والتي بدورها توفر له مآكله من اللحوم والالبان ، وحمولة له 

 قال تعالى: {فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32) } [عبس] 

 قال السعدي في تفسيره: ثم أرشده تعالى إلى النظر والتفكر في طعامه، وكيف وصل إليه بعدما تكررت عليه طبقات عديدة، ويسره له فقال: { {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ} } { أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا} أي: أنزلنا المطر على الأرض بكثرة,{ { ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ} } للنبات { {شَقًّا} }[ {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا } } أصنافا مصنفة من أنواع الأطعمة اللذيذة، والأقوات الشهية { {حبًّا } } وهذا شامل لسائر الحبوب على اختلاف أصنافها. 

 قال ابن كثير في تفسيره: وَعِنَبًا وَقَضْبًا:والعنب معروف والقضب هو الفصفصة التي تأكلها الدواب رطبة ويقال لها القت أيضا قال ذلك ابن عباس وقتادة والضحاك والسدي وقال الحسن البصري القضب العلف .

 "وزيتونا" وهو معروف وهو أدم وعصيره أدم ويستصبح به ويدهن به "ونخلا" يؤكل بلحا بسرا ورطبا وتمرا ونيئا ومطبوخا ويعتصر منه رب وخل. 

 ( {وحدائق غلبا } ) أي بساتين قال الحسن وقتادة : ( {غلبا } ) نخل غلاظ كرام وقال ابن عباس ومجاهد الحدائق كل ما التف واجتمع وقال ابن عباس أيضا : ( {غلبا} ) الشجر الذي يستظل به. وقوله ( {وفاكهة وأبا} ) أما الفاكهة فهو ما يتفكه به من الثمار قال ابن عباس الفاكهة كل ما أكل رطبا والأب ما أنبتت الأرض مما تأكله الدواب ولا يأكله الناس وفي رواية عنه هو الحشيش للبهائم. وقوله ( {متاعا لكم ولأنعامكم } ) أي عيشة لكم ولأنعامكم في هذه الدار إلى يوم القيامة.

 #دكتورة_حنان_لاشين #

المعهد_الاسلامي_للتغذية_والصحة_العامة

الأحد، 31 يناير 2021

الاكل الموزون سورة الحجر ١٩

 وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ)سورة الحجر الاية رقم 19



معانى الكلمات
الأرض مددناها : بسطناها للانتفاع بها 
رواسي : جبالاً ثوابت كي لا تميد 
موزون : مقدّر بميزان الحكمة
الشرح
وحين نسمع كلمة الأرض فنحن نتعرف على المقصود منها، ذلك أنه ليس مع العين أَيْن  ، بمعني أننا نقف وننظر فلا نري نهاية لهذة الأرض . 
والمّدُّ هو الامتداد الطبيعي لِمَا نسير عليه من أيِّ مكان في الأرض. وهذه هي اللفتة التي يلفتنا لها الحق سبحانه؛ فلو كانت الأرض مُربعة؛ أو مستطيلة؛ أو مُثلثة؛ لوجدنا لها نهاية وحَافّة، لكِنّا حين نسير في الأرض نجدها مُمْتدة، ولذلك فهي لابُد وأن تكون مُدوَّرة. وهم يستدلون في العلم التجريبي على أن الأرض كُروية بأن الإنسان إذا ما سار في خط مستقيم؛ فلسوف يعود إلى النقطة التي بدأ منها ذلك  يعني أن مُنْحنى الأرض مصنوعٌ بدقة شديدة قد لا تدرك العين مقدارَ الانحناء فيه ويبدو مستقيماً. 
وحين يقول الحق سبحانه: {وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ ... } [الحجر: 19] يعني أشياء تثبتها.
 ولربما نتسائل : مادامت الأرض مخلوقةً على هيئة الثبات فهل كانت تحتاج إلى مثبتات مثل الجبال؟ 
ولو تدبرنا الأمر : لوجدنا  أن الحق سبحانه قد خلقها مُتحركة وعُرْضة لأنْ تضطربَ؛ فخلق لها المُثقّلات، وهكذا نكون قد أخذنا من هذه الآية حقيقتين علميتين أثبتهما العلم الحديث لتكون أيه ومعجزة من معجزات الله تعالي الداله علي وجودة  وقدرتة وحكمتة البالغة
وهاتين الحقيقتين هما
 التكوير والدوران. 
وهناك آية أخرى يقول فيها الحق سبحانه: 
{وَتَرَى الجبال تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السحاب ... } [النمل: 88] 
ونفهم من هذا القول الكريم أن حركة الجبال ليست ذاتيةً بل تابعة لحركة الأرض؛ كما يتحرك السحاب تبعاً لحركة الرياح. 
وأثبت العلم الحديث  أن الأرض تتحرك وتتدور حول نفسها وحول الشمس 
وشاء سبحانه أن يجعل الجبال رواسي مُثِّبتات للأرض كي لا تميدَ بنا؛ فلا تميل  أثناء حركتها. 
ويقول الحق سبحانه: { ... وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ} [الحجر: 19] 
وأنبت  الله سبحانه  وتعالي من الأرض كُلَّ شيء موزون بدقّة تناسب الجو والبيئة، ويضم العناصر اللازمة لاستمرار الحياة. 


ويقول الحق سبحانه وتعالي (وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ) سورة الحجر الاية رقم 2

معانى الكلمات
معايش : أرزاقا يُعاش بها  
في هذا القول يمتنُّ علينا سبحانه بأنه جعل لنا في الأرض وسائل للعيش؛ ولم يكتَفِ بذلك، بل جعل فيها رزقَ ما نطعمه نحن من الكائنات التي تخدمنا؛ ومن نبات وحيوان، ووقود، وما يلهمنا إياه لنطور حياتنا من أساليب الزراعة والصناعة؛ وفوق ذلك أعطانا الذرية التي تَقَرُّ بها العين، وكل ذلك خاضع لمشيئته وتصرُّفه. 
٠٠٠٠٠٠
ويقول سبحانه من بعد ذلك: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ )سورة الحجر الاية رقم 21

معانى الكلمات
عندنا خزائنه : نحن قادرون على إيجاده و تدبيره 
ننزّله : نوجده أو نعطيه
 بقدر معلوم : بمقدار معيّن
الشرح 
وقوله الحق: {وَإِن مِّن شَيْءٍ ... } [الحجر: 21] أي: أنه لا يوجد جنس من الأجناس إلا وله خزائنُ عند الله سبحانه، فالشيء الذي قد تعتبره تافهاً له خزائن؛ وكذلك الشيء النفيس، وهو سبحانه يُنزِل كل شيء بقدَرٍ
حتى الاكتشافات العلمية يُنزِلها بقدَرٍ. 
وحين نحتاج إلى أيِّ شيء مخزون في أسرار الكون؛ فنحن نُعمِل عقولنا الممنوحة لنا من الله لنكتشف هذا الشيء. 
والمثل هو الوقود وكُنا قديماً نستخدم خشب الأشجار والحطب. وسبحانه هو القائل: {أَفَرَأَيْتُمُ النار التي تُورُونَ أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ المنشئون} [الواقعة: 71 - 72] 
وعندما اتسعت احتياجات البشر من الوقود ، فاكتشفوا الفحم الذي كان أصله نباتاً مطموراً أو حيواناً مطموراً في الأرض
 ثم اكتُشِف البترول، وهكذا. 
أي: أنه سبحانه لن يُنشِئ فيها جديداً، بل أعدَّ سبحانه كل شيء في الأرض، وقدَّر فيها الأقوات من قبل أنْ ينزِل آدم عليه السلام إلى الأرض من جنة التدريبِ لِيعمُرَ الأرض، ويكون خليفة لله فيها، هو وذريته كلها إلى أن تقومَ الساعة. 
قال تعالي في سورة فصلت (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ( 10)

فإذا شكوْنَا من شيء فهذا مَرْجعه إلى التكاسل وعدم حُسْن استثمار ما خلقه الله لنا وقدَّره من أرزاقنا في الأرض.
 ونرى التعاسة في كوكب الأرض رغم التقدُّم العلمي والتِّقني؛ ذلك أننا نستخدم ما كنزه الحق سبحانه ليكون مجال سعادة لنا في الحروب والتنافر. 
ولو أن ما يُصرف على الحروب؛ تم توجيهه إلى تنمية المجتمعات المختلفة لَعاشَ الجميع في وفرة حقيقية. 
ولكن سوء التنظيم وسوء التوزيع الذي نقوم به نحن البشر هو المُسبِّب الأول لتعاسة الإنسان في الأرض؛ ذلك أنه سبحانه قد جعل الأرض كلها للأنام، فمن يجد ضيقاً في موقع ما من الأرض فليتجه إلى موقع آخر. 
ولكن العوامل السياسية وغير ذلك من الخلافات بين الناس تجعل في أماكن في الأرض؛ رجالاً بلا عمل؛ وتجعل في أماكن أخرى ثروة بلا استثمار؛ ونتجاهل قوله سبحانه: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ ... } [الحجر: 21] 
فلكل شيء في الأرض خزائن؛ والخزينة هي المكان الذي تُدَّخر فيه الأشياء النفيسة، والكون كله مخلوق على هيئة أن الحق سبحانه قدَّر في الأرض أقواتاً لكل الكائنات من لَدُن آدم إلى أن تقومَ الساعة.
 فإنْ حدث تضييق في الرزق فاعلموا أن حقاً من حقوق الله قد ضُيِّع، إما لأنكم أهملتم استصلاحَ الأرض وإحياء مواتها بقدر ما يزيد تعداد السكان في الأرض، وإما أنكم قد كنزتُم ما أخذتُم من الأرض، وضننتُم بِمَا اكتنزتموه على سواكم. فإنْ رأيتَ فقيراً مُضيَّعاً فاعلم أن هناك غنياً قد ضَنَّ عليه بما أفاض الله على الغني من رزق، وإنْ رأيت عاجزاً عن إدراك أسباب حياته فاعلم أن واحداً آخر قد ضَنَّ عليه بقُوتِه. 
وإنْ رأيت جاهلاً فاعلم أن عالماً قد ضَنَّ عليه بعلمه.
 وإنْ رأيت أخْرقَ فاعلم أن حكيماً قد ضَنَّ عليه بحكمته؛ فكُلّ شيء مخزون في الحياة؛ حتى تسلم حركة الحياة؛ سلامةً تؤدي إلى التسانُد والتعاضُد؛ لا إلى التعانُد والتضارب. ونعلم أنه سبحانه قد أَعدَّ لنا الكون بكُل ما فيه قبل أنْ يخلقنا؛ ولم يُكلِّفنا قبل البلوغ؛ ذلك أنه عَلِم ألاً أن التكليف يُحدّد اختيار الإنسان لكثير من الأشياء التي تتعلق بكل ملَكاتِ النفس؛ قُوتاً ومَشْرباً ومَلْبساً ومسكناً وضَبْطاً للأهواء، كي لا ننساقَ في إرضاء الغرائز على حساب القِيمَ. وشاء سبحانه ألاَّ يكون التكليف إلا بعد البلوغ؛ حتى يستوفي ملكاتُ النفس القوةَ والاقتدارَ، ويكون قادراً على إنجاب مثيل له، ولكي يكون هذا التكليف حُجَّة على الإنسان، هذا الذي طَمَر له الحق سبحانه كل شيء إمَّا في الأرض؛ أو كان طمراً في النوع، أو في الجنس. وكُلُّ شيء في الكون موزون، إما أن يكون جِنْساً، أو نَوْعاً، أو أفراداً؛ والميزان الذي توجد به كل تلك العطاءات؛ إنما شاء به الحق سبحانه أن يهبَ الرب للكل؛ وليوافق الكثرة؛ وليعيش الإنسان في حضْن الإيمان. وهكذا يكون عطاء الله لنا عطاءَ ربوبيةٍ، وعطاءَ ألوهيةٍ، والذكيّ حقاً هو مَنْ يأخذ العطاءين معاً لتستقيم حياته. 
والحق سبحانه هو القائل: {قُل لَّوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لأمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإنفاق وَكَانَ الإنسان قَتُوراً} [الإسراء: 100] وذلك ليوضح لنا الحق سبحانه أن الإنسان يظنُّ أن ذاتيته هي الأصل، وأن نفعيته هي الأصل، وحتى في قضايا الدين؛ قد يتبع العبد قوله الحق: {وَيُؤْثِرُونَ على أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ... } [الحشر: 9] ومَنْ يفعل ذلك إنما يفعل في ظاهر الأمر أنه يُؤْثِر الغيرَ على نفسه؛ ولكن الواقع الحقيقي أنه يطمع فيما أعدَّه الله له من حُسْن جزاء في الدنيا وفي الآخرة. إذن: فأَصْل العملية الدينية أيضاً هو الذات؛ ولذلك نجد مَنْ يقول: أنا أُحِب الإيمان؛ لأن فيه الخيرية، يقول الحق سبحانه: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخير لَشَدِيدٌ} [العاديات: 8] وفيه أنانية ذكية تتيح لصاحبها أَخْذ الثواب على كل عمل يقوم به لغيره، وهذا لون من الأنانية الذكية النافعة؛ لأنها انانية باقية، ولها عائد إيماني.
 ونعلم أن الحق سبحانه لو شاء لجعل الناس كلهم أثرياء؛ ولم يجعل يداً عليا ويداً سفلي، لكنه سبحانه لم يشأ ذلك؛ ليجعل الإنسان ابْنَ أغيار؛ ويعدل فيه ميزان الإيمان، ولِيدُكّ غرور الذات على الذات، وليتعلم الإنسان أن غروره على ربِّه لن ينال من الله شيئاً، ولن يأتي للإنسان بأي شيء. 
وكل مظاهر القوة في الإنسان ليست من عند الإنسان، وليست ذاتية فيه، بل هي موهوبة له من الله؛ وهكذا شاء الحق سبحانه أنْ يُهذِّب الناس لِيُحسِنوا التعامل مع بعضهم البعض. 
ولذلك أوضح سبحانه أن عنده خزائنَ كل شيء، ولو شاء لألقى ما فيها عليهم مرة واحدة؛ ولكنه لم يُرد ذلك ليؤكد للإنسان أنه ابْنُ أغيارٍ؛ ولِيلفتَهم إلى مُعْطي كل النعم. 
كما أن رتابة النعمة قد تُنسِي الإنسانَ حلاوة الاستمتاع بها، وعلى سبيل المثال أنت لا تجد إنساناً يتذكّر عَيْنه إلا إذا آلمتْه؛ وبذلك يتذكر نعمة البصر، بل وقد يكون فَقْد النعمة هو المُلفِت للنعمة، وذلك لكي لا ينسي أحد أنه سبحانه هو المُنعِم. 
ويقول سبحانه من بعد ذلك: {وَأَرْسَلْنَا الرياح لَوَاقِحَ ... }--------------------------------------------------------------------------------

الاثنين، 18 يناير 2021

سورة يوسف

 سيدنا يوسف : هو يوسف بن يعقوب .

 ولد في العراق وفي طريق العودة من العراق إلى فلسطين ماتت أمه راحيل وهو ما زال طفلاً صغيراً وصبا في فلسطين ونقل كبضاعه مزجاه وعاش ومات في مصر 

 سورة يوسف نزلت في سنة 10 من الرسالة ،في عام الحزن هي السورة الوحيدة في القرآن الكريم التي تقص قصة كاملة بكل لقطاتها.

 لذلك قال الله تعالى "أحْسنَ القَصَص". قال تعالي (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3))

 فهذة القصة تبدأ بحلم ، وتنتهي بتفسير هذا الحلم ومن العجيب أن قميص يوسف كان له دور واضح في هذه القصه  @استُخدم كأداة براءة لإخوته، فدل على خيانتهم 

@ ثم استُخدم كأداة براءة بعد ذلك ليوسف عليه السلام نفسه مع إمرأة العزيز، فبرَّأه. 

 @ثم استخدم للبشارة، فأعاد الله تعالى به بصر والده يعقوب. 🌲نلاحظ أن معاني القصة متجسِّدة، وكأنك تراها بالصوت والصورة. 

 وهي من أجمل القصص التي يمكن أن تقرأها ومن أبدع ما تتأثر به🤣🤣🤣.

 لكنها لم تجيء في القرآن الكريم لمجرد رواية القصص والتسلية . 

 لكن هدفها جاء في آخر سطر من السورة

قال تعالي (قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ ۖ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَٰذَا أَخِي ۖ قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا ۖ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90)

 وهو: إنَّهُ مَن يتَّقِ ويَصبر، فإنَّ اللهَ لا يُضيعُ أجرَ المُحسِنين. فمحور القصة الأساسي

 هو: - ثق في تدبير الله. - اصبر. - لا تيأَس. 

 الملاحظ أن السورة تمشي بوتيرة عجيبة، مفادها أن الشيء الجميل، قد تكون نهايته سيئة، وأن الشئ السئ قد تكون نهايته جميله.

 يا سبحان الله! - فيوسف أبوه يحبه، وهو شيء جميل، فتكون نتيجة هذا الحب أن يُلقى في غيابات الجب، شيء فظيع.

 وشئ فظيع أن يكون يوسف خادم صغير في بيت عزيز مصر، فتكون نتيجته أن يُكرَم في بيت العزيز! شيء رائع.

 ومن بعد هذة الروعة تكون نهايته أن يدخل يوسف السجن! ثم أن دخول السجن شيءٌ بَشِع شئ فظيع ، فتكون نتيجته أن يصبح يوسف عزيز مصر! 

 الهدف من ذلك: - أن تنتبه أيها المؤمن، إلى أن تسيير الكون شيءٌ فوق مستوى إدراكك، فلا تشغل نفسك به ودعه لخالقه يسيِّره كما يشاء، وفق عِلمه وحِكمته. 

  فإذا رأيت أحداثاً تُصيبُ بالإحباط ولم تفهم الحكمة منها، فلا تيأس ولا تتذمَّر، بل ثِق في تدبير الله، فهو مالكٌ هذا المُلكَ  وهو خيرُ مُدبِّر للأمور.

 كما يفيد ذلك: - أن الإنسان لا يجب أن يفرح بشىء قد يكون ظاهره رحمة لكنه يحمل في طياته العذاب أو العكس.

 يوسف الإنسان الذي واجه حياة شديدة الصعوبة منذ طفولته ولكنه نجح. 

 ليقول لنا: إن يوسف لم يأتِ بمعجزات، بل كان إنساناً عاديَّاً ولكنه اتَّقى الله فنجح! 

 هي أكثر السور التي تحدَّثت عن اليأس.

قال تعالي (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا ۖ قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ ۖ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي ۖ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (80))

 وقال تعالي ( يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87))

وقال تعالي (حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110)


 - وكأنها تقول لك أيُّها المؤمن: • إن اللهَ قادر على كل شئ. • فلِمَ اليأس؟ 

 إن يوسف رغم كل ظروفه الصعبة، لم ييأس ولم يفقد الرجاء. فهي قصة نجاح في الدنيا والآخرة.

  في الدنيا: حين استطاع بفضل الله ثم بحكمته في التعامل مع الملِك، أن يُصبح عزيز مصر. 

 - وفي الآخرة: حين تصدَّى لامرأة العزيز ورفض الفاحشة ونجح.

 لقد نزلت هذه السورة في عام الحزن على رسول الله، صلى الله عليه و سلم، في أشد أوقات الضيق بوفاة زوجته السيدة خديجة وعمه أبو طالب. 

 هذه السورة كما قال العلماء: "ما قرأها محزون ٌإلا سُرِّي عنه." تولى الله أمر يوسف، * فأحوج القافلة في الصحراء للماء، ليخرجه من غيابات الجب. 

 * ثم أحوج عزيز مصر للأولاد ليتبناه! * 

ثم أحوج الملك لتفسير الرؤيا، ليخرجه من السجن. 

 * ثم أحوج مصر كلها للطعام، ليصبح  هو عزيز مصر. 

 إذا تولى الله أمرك، هيأ لك كل أسباب السعادة وأنت لا تشعر. فقط قل بصدق: "وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ" 

 فقط فوّض أمرك لله فى كل شيء في همك، في صحتك، في أولادك، في احتياجاتك المالية.

 واتق الله، و تأكد أن الله معك طالما أنت موفي الله حقه. 

قال تعالي في سورة الطلاق ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3))

 اللهم إجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

 آمين يا رب العالمين يا ذا الجلال و الإكرام. 

 

الثلاثاء، 14 يوليو 2020

عناصر البقاء والاستبقاء

قال تعالي (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢)) سورة البقرة معانى الكلمات الأرضَ فراشاً : بساطاً و وِطاءً للاستقرارِ عليها والسماء : هي كل ما علاك فأظلك السماء بناءً : سقفا مرفوعاً او كالقُبّةِ المضروبة أنداداً : أمثالاً من الأوثانِ تعبدونها الخواطر في هذه الآية فبعد أن بين لنا الحق سبحانه وتعالى أن عطاء ربوبيته الذي يعطيه لخلقه جميعا، المؤمن والكافر، كان يكفي لكي يؤمن الناس، كل الناس. أخذ يبين لنا آيات من عطاء الربوبية. ويلفتنا الحق إليها لعل من لم يؤمن عندما يقرأ هذه الآيات يدخل الإيمان في قلبه. فيلفتنا الله سبحانه وتعالى إلى خلق الأرض في قوله تعالى: {الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض فِرَاشاً} . والأرض هي المكان الذي يعيش فيه الناس ولا يستطيع أحد أن يدعي أنه خلق الأرض أو أوجدها ، فلم يخرج علي الناس أحدٌ إدعي ذلك ،إذن فهي آية ربوبية لا تحتاج إلى جهد عقلي لإدراكها. لأنها بديهات محسومة لله سبحانه وتعالى. وقوله تعالى: «فراشا» توحي بأن الله أعد الأرض إعداداً مريحاً للبشر. كما نفرش على الأرض شيئا، نجلس عليه أو ننام عليه، فيكون فراشا مريحاً. ونحن منذ أدم عليه السلام نتوارث الأرض جيلا بعد جيل. وهذه الأرض تصلح لحياتنا جميعاً. ومنذ أن خلقت الأرضُ إلى يوم القيامة ، ستظل فراشا للإنسان. وقد نام الإنسان الأول عليها مستريحا وكانت له فراشا ، وكثير ممن يعيشون في البوادي والصحاري والقري يفترشون الأرض. ومع تقدم الحضارة وزيادة الرفاهية ظلت الأرض فراشاً رغم ما وجد عليها من أشياء لينة من مفروشات مختلفة، حصر كانت تصنع من بعض النباتات، ومن اصواف وجلود الحيوانات، والسجاد وغيرها . فكأن الله تعالى. قد أعدها لنا إعداداً يتناسب مع كل جيل. فلكل جيل رفه في العيش بسبب تقدم الحضارة كشف الله سبحانه من العلم ما يطوع له الأرض ويجعلها فراشاً. ونلاحظ أن الله سبحانه وتعالى في آية أخرى يقول: {جَعَلَ لَكُمُ الأرض مَهْداًَ} [الزخرف: 10] والمهد هو فراش الطفل وفراش الطفل ،لابد أن يكون مريحا ، لأن الطفل إذا وجد في الفراش ما يزعجه أو يتعبه. فإنه لا يملك الإمكانات التي تجعله يريحه ولذلك نمهد لأطفالنا مكان نومهم ، حتى يناموا نوماً مريحاً. ولكن الذي مهد الأرض لكل خلقه هو الله سبحانه وتعالى . جعلها فراشاً لعباده ، وهذا عطاء ربوبية . وإذا قرأنا قول الله تعالى: {هُوَ الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض ذَلُولاً فامشوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزْقِهِ} [الملك: 15] فإن معنى ذلك أن الحق سبحانه جعل الأرض مطيعة للإنسان، يقدرُ علي التعامل معها ، تعطيه كل ما يحتاج إليه. مثال هذه الأرض يحرثها الإنسان ويبذر فيها الحب ويرويها، فتنبت وتخرج له الثمار والنباتات التي يتقوتُ بها، فتحفظ ديمومته. ويأتي الحق سبحانه وتعالى إلي السماء فيقول : «والسماء بناءً» والبناء يفيد المتانة والقوة والتماسك. أي أن السماء وهي فوقنا ونحن لا نرى شيئا يحملها حتى لا تسقط علينا ومع ذلك فهي سقف متماسك متين. ويؤكد الحق تعالى بقوله: {وَيُمْسِكُ السمآء أَن تَقَعَ عَلَى الأرض إِلاَّ بِإِذْنِهِ} [الحج: 65] وفي آية أخرى يقول: {وَجَعَلْنَا السمآء سَقْفاً مَّحْفُوظاً} [الأنبياء: 32] والهدف من هذه الآيات كلِها. أن نطمئن ونحن نعيش على الأرض أن السماء لن تسقط علينا لأن الله يحفظها. إذن من آيات الحق سبحانه وتعالى في الأرض @ أنه جعلها فراشاً أي ممهدة ومريحة لحياة الإنسان. @ وحفظ السماء بقدرته جل جلاله، فهي ثابتة في مكانها، لا تهدد سكان الأرض وتفزعهم، بأنها قد تسقط عليهم ثم قال الحق تعالي : {وَأَنزَلَ مِنَ السمآء مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثمرات رِزْقاً لَّكُمْ} توفير الحق وسائل إستبقاء الحياة فكأن الحق سبحانه وتعالى قد وضع في الأرض وسائل استبقاء الحياة ، فلم يترك الإنسان على الأرض دون أن يوفر له وسائل استمرار حياته. @ فالمطر ينزل من السماء @ فينبت به الزرع والثمر @ وهذا الزرع والثمر رزق لنا والناس تختلف وتتفاوت في مسألة الرزق ومعني الرزق هو ما ننتفع به، وليس هو ما نحصل عليه. فقد تربح مالاً وافراً ، ولكنك لا تنفقه، ولا تستفيد منه، فلا يكون هذا رزقك . ولكنه هو رزق غيرك، وأنت تظل حارساً عليه، لا تنفق منه شيئا ، حتى يصل إلى صاحبه. والرزق في نظر معظم الناس هو المال قال عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ: «يقول ابن آدم مالي مالي. . وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، ولبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت» . هذا هو رزق المال، وهو جزء من الرزق. ولكن هناك أنواع أخري من الرزق @ رزق الصحة. @ ورزق الولد. @ ورزق الطعام. @ ورزق البركة. وكل نعمة من الله سبحانه وتعالى هي رزق ماذا يريد منا الله سبحانه وتعالي في هذة الأية الحق سبحانه وتعالى يريد أن يلفتنا بهذه الآية الكريمة إلى أن نفكر قليلاً، في خلق هذا الكون وفيمن خلقه . لنعرف أنه قبل أن يخلق الإنسان خلق له عناصر بقائه. ولكن هذا الإعداد لم يتوقف عند الحياة المادية. فقد أعد الله مقومات الحياة المادية والمعنوية ،مقومات حياتنا الروحية، أو القيم في الوجود. وإذا قرأنا سورة الرحمن قوله تعالى: {الرحمن عَلَّمَ القرآن خَلَقَ الإنسان عَلَّمَهُ البيان} [الرحمن: 1 - 4] لوجدت القرآن يعطينا قيم الحياة، التي بدونها تصبح الدنيا كلها لا قيمة لها. لأن الدنيا امتحان أو اختبار لحياة قادمة في الآخرة. فإذا لم تأخذها بمهمتها في أنها الطريق الذي يوصلك إلى الجنة. أهدرت قيمتها تماماً. ولم تعد الدنيا تعطيك شيئاً إلا العذاب في الآخرة. وقد ربط الحق سبحانه وتعالى الرزق في هذه الآية بالسماء فقال سبحانه: {فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثمرات رِزْقاً لَّكُمْ} ليلفتنا إلى أن الرزق، لا يأتي إلا من أعلى، وضرب الله سبحانه وتعالى المثل بالماء لأنه رزق مباشر محسوس منا، والماء ينزل من السماء في أنقى صوره مقطراً. كل ما يأتينا من السماء. فيه علو. ينزل ليزيد حياة القيم ارتقاءً، عملية لو أراد البشر أن يقوموا بها ما استطاعوا لأنها كانت ستكلف ملايين الجنيهات، لتعطينا ماءً لا يكفي أسرة واحدة. ولكن الله سبحانه وتعالى أنزل من السماء ماءً في أنقى صوره لينبت به الثمرات، التي تضمن استمرار الحياة في هذا الكون. وبعد أن نفهم هذه النعم كلها. والإعجاز الذي فيها ونستوعبها يقول الحق تبارك وتعالى: {فَلاَ تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} . «أندادا» جمع نِدّ، والند هو النظير أو الشبيه. وأي عقل فيه ذرّة من فكر يبتعد عن مثل هذا، فلا يجعل لله تعالى شبيهاً ولا نظيراً ولا يُشَبِّهُ بالله تعالى أحداً. فالله واحد في قدرته، واحد في قوته، واحد في خلقه. واحد في ذاته، وواحد في صفاته. ولا توجد مقارنة بين صفات الحق سبحانه وتعالى وصفات الخلق. والله خلق لكل منا عقلاً يفكر به، لو عرضت هذه المسألة على العقل لرفضها تماماً، لأنها لا تتفق مع عقل أو منطق، ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى: أي تعرفون هذا جيداً بعقولكم لأن طبيعة العقل ترفض هذا تماماً. فمن ذا الذي يستطيع أن يدعي أنه خلقكم والذين من قبلكم؟! ومنذا الذي يستطيع أن يدعي ولو كذبا، أنه هو الذي جعل الأرض فراشاً، وجعل السماء سقفاً محفوظاً، أو أنزل المطر وأنبت الزرع؟ لا أحد. إذن فأنتم تعلمون أن العقل كله لله وحده، ومادام لا يوجد معارض ولا يمكن أن يوجد. فالقضية محسومة للحق تبارك وتعالى. والحق سبحانه وتعالى يقول: {وَمِنَ الناس مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ الله أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ الله والذين آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ} [البقرة: 165] لماذا اتخذ هؤلاء الناس لله تعالى أنداداً؟ لأنهم يريدون دينا بلا منهج. يريدون أن يرضوا فطرة الإيمان التي خلقها الله فيهم. وفي الوقت نفسه يتبعون شهواتهم. عندما فكروا في هذا وجدوا أن أحسن طريقة هي أن يختاروا إلهاً بلا منهج، لا يطلب منهم شيئاً، ولذلك كل دعوة منحرفة تجد أنها تبيح ما حرم الله، وتحل الإنسان من كل التكاليف الإيمانية كالصلاة والزكاة والجهاد وغيرها. أما الذين آمنوا. فإنهم يعرفون أن الله سبحانه وتعالى إنما وضع منهجه لصالح الإنسان: فالله لا يستفيد من صلاتنا ولا من زكاتنا. ولا من منهج الإيمان شيئاً، ولكننا نحن الذين نستفيد من رحمة الله. ومن نعم الله ومن جنته في الآخرة. ولأن الذين آمنوا يعرفون هذا فإنهم يحبون الله حبا شديداً، والذين كفروا رغم كل ما يدعون فإنهم ساعة العسرة يلجأون إلى الله سبحانه وتعالى باعتباره وحده الملجأ والملاذ. واقرأ قوله تبارك وتعالى: {وَإِذَا مَسَّ الإنسان الضر دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إلى ضُرٍّ مَّسَّهُ} [يونس: 12] لماذا لم يستدع الأنداد؟ لأن الإنسان لا يغش نفسه أبداً في ساعة الخطر، ولأن هؤلاء يعرفون بعقولهم أنه لا يمكن أن يوجد لله أنداد. ولكنه يتخذهم لأغراض دنيوية. فإذا جاء الخطر. يلجأ إلى الله سبحانه وتعالى. لأنه يعلم يقينا أنه وحده الذي يكشف الضر، فحلاق الصحة الذي يعالج الناس دجلا. إذا مرض ابنه أسرع به إلى الطبيب لأنه يغش الناس. ، ولكنه لا يمكن أن يغش نفسه. ولقد كان الأصمعي واقفاً عند الكعبة، فسمع إعرابياً يدعو ويقول: «يا رب أنت تعلم أني عاصيك وكان من حقك علي ألا أدعوك وأنا عاص. ولكني أعلم أنه لا إله إلا أنت فلمن أذهب.» فقال الأصمعي: يا هذا إن الله يغفر لك لحسن مسألتك 

الثلاثاء، 12 مايو 2020

لماذا ناخذ المنهج من الكتاب والسنه


https://khwaterelfajr.blogspot.com/2019/12/blog-post_21.html


لماذا ناخذ المنهج من القران والسنه


قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ۚ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54) سورة النور


 تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْـمُبِينِ     من سورة الشعراء- آية (2)
طسٓ تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ   من سورة النمل- آية (1)

 هُدًى وَبُشْرَى لِلْـمُؤْمِنِينَ        من سورة النمل- آية (2)

 وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ

من سورة القصص- آية (43)

 فَإِنْ لَـمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَـمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِـمِينَ

من سورة القصص- آية (50)