الاثنين، 2 مارس 2020

قال تعالي (بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ)١٢٣ سورة طه



العلاقة بين ءادم والشيطان ،علاقة عداوة أزلية ،وحالة مستمرة من الترقب واليقظة ، لهروب ءادم من وساوس الشيطان وإغواءه ،
ابليس هذا المتكبر الذي يترصد بني ءادم في كل لمحة ونفسه ويزين له خطوات المعصية ،ليحقق مع وعد الله به،
قال تعالى : ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ )سورة  البقرة آيه 34.
وعندما علم بسخط الله عليه  لمخالفته أمره :
قال تعالى – عنه - : ( قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ )  سورةالحِجر/ 39 .

وقال تعالى : ( قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ . ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ) الأعراف/ 16 ، 17 .
هذا العدو الخبيث طلب طول العمر ، لا لكي يراجع نفسه ويتوب ، بل ليضل من يستطيع إضلاله من الناس ؛ لئلا يكونوا مهتدين .

قال تعالي ( قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى)
سورة طه الاية رقم ١٢٣
أي: اهبطا من الجنة  إلى الأرض ، وامضوا فيها على ضوء التجربة الماضية،  ولتعلموا أنكم لبعض عدو ، لا توجد بينكما مصالح مشتركة، العلاقة بينكما هي  علاقة عداءٍ أبدية ،
واعلما أن علي الأرض ، أمراً ونهياً وعدواً يوسوس ويُزيِّن ويُغوِي حتي يحقق وعده لله
قال تعالي (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17))سورة الاعراف
وقال تعالي (قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62)) سورة الاسراء
 أقسم عدوّ الله، فقال لربه: لئن أخرت إهلاكي إلى يوم القيامة ( لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلا قَلِيلا )يقول: لأستولين عليهم، ولأستأصلنهم، ولأستميلنهم يقال منه: احتنك فلان ما عند فلان من مال أو علم أو غير ذلك
، وكأن الله عَزَّ وَجَلَّ يعطي آدم المناعة الكافية له ولذريته من بعده لتستقيم لهم حركة الحياة في ظل التكاليف
والتكاليف إما أمر وإما نهي، والشيطان هو الذي يفسد علينا هذه التكاليف.
قال تعالي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۚ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21)) سورة النور
وأنزل الله المنهج علي بني أدم بالأوامر والنواهي  وأنزل لكل أمة منهج هدايه لهم ودستورا يهتدون به، وقانونا منظما لتكليفاتهم ومحذرهم من الشيطان والنفس .
قال تعالي (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (168)) سورة البقرة
والشيطان طرفا في المعركة الأزلية ، ومع ذلك لا ننسى طَرَفاً آخر هو النفس الأمَّارة التي تحرك الإنسان  نحو المعصية والمخالفة.
إذن: ليس عدونا الشيطان فحسب فنجعله شماعة نعلّق عليها كل معاصينا، فهناك مَعَاصٍ لا يدخل علينا الشيطان بها إلا عن طريق النفس، وإلا إبليس لما غوى؟ مَنْ أغواه؟ ومَنْ وسوس له؟
 وقوله: {بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [البقرة: 36]
أي: بعض عدو للبعض الآخر، وكلمة (بعض) لها دَوْر كبير في القرآن
والمراد: الإنسان عدو الشيطان ____ إنْ كان طائعاً لله ملتزم بالمنهج .
والشيطان عدوالإنسان إنْ كان طائعاً لله .
فإنْ كان الإنسان  عاصياً فلا عداوةإذن بينهما؛ لأن الشيطان الانسان عاصياً.
والإنسان والشيطان عداوة مستمرة ولا تصالح بينهما في سبيل الهدايه ولا توافق بينهما ألا في الغواية ، ولا مصالح مشتركة
إذن من هم علي الطريق المستقيم لا مصالح بينهم ولا مصالح مشتركة .
واليكم المثال التالي 
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:   إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيتَ لَكُمْ، وَلَا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ، فَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ   رواه مسلم (2018).
وهذا الحديث صريح في أن المسلم إذا دخل بيته من غير ذكر الله تعالى، دخل معه الشيطان، والظاهر أنه يدخل مع أتباع له، كما تشير جملة:  قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ .
قال النووي رحمه الله تعالى:
" قوله: ( قَالَ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ ) معناه قال الشيطان لإخوانه وأعوانه ورفقته " انتهى من "شرح صحيح مسلم" (13 / 190).
وروى أصحاب السنن عن عائشة("إذا أكل أحدُكُم فليذكُرِ اسمَ الله، فإن نَسِيَ أن يَذكُرَ اسمَ الله في أوَّلِه فليقُلْ: باسم الله أوَّلَهُ وآخِرَهُ")) قال الترمذي حسن صحيح
عن أميةَ بن مَخشيٍّ - وكان مِن أصحابِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - جالساً ورجلٌ يأكُلُ، فلم يُسَمِّ حتَّى لم يَبْقَ من طعامِهِ إلا لُقمةٌ، فلما رفعَها إلى فيه قال: باسم الله أولَه وآخرَه، فضحك النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- ثم قال: ما زالَ الشيطانُ يأكلُ معَه، فلما ذَكرَ اسمَ الله استقاءَ ما في بَطنِهِ" .هذا الحديث رواه أبو داود والنسائي وأحمد والطحاوي وصححه الحاكم 
لكن ما دام بعضكم لبعض عدواً أي: آدم مطمور فيه ذريته، وإبليس مطمور فيه ذريته، فَمنْ سيكون. الحَكَم؟
الحَكَم بينهما منهج الله: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى} [طه: 123] فإياكم أنْ تجعلوا الهدى من عندكم؛ لأن الهدى إنْ كان من الانسان ،قاصر العلم والقدرة  فلن ينفع ولن يفلح ولكن اتباع هدي الله نتيجتة الإستقامة والفلاح
قال تعالي {فَمَنِ اتبع هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يشقى} [طه: 123] فكأن هدى الله ومنهجه هو (كتالوج) سلامة الإنسان وقانون صيانته  ليحمي الله صنعته .
ألاَ نرى الصناع من البشر حين يرفقون بصنعتهم (كتالوجاً) يضم تعليماتهم عن تشغيلها وصيانتها، فإن اتبعنا هذه التعليمات خدمتْنا هذه الآلآت وأدَّتْ لنا مهمتها دون تعطّل.
 الخالق عَزَّ وَجَلَّ  يضع لخَلْقه قانونهم وهَدْيَهم
فإنْ وضعه آخر فهذا افتئات على الله عَزَّ وَجَلَّ، وكما لو ذهبتَ إلى الجزار تقول له: ضَعْ لي التعليمات اللازمة لصيانة (الميكروفون) !!
 إذن: الفساد في الكون يحدث حينما نخرج عن منهج الله، ونعتدى على قانونه وتشريعه، ونرتضي بهَدْي غير هَدْيه؛ لذلك يقول تعالى بعدها: {فَمَنِ اتبع هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يشقى} [طه: 123]  هذه نتيجة مَنِ اتبع هدى الله والعكس في البعد عن هدي الله فيه شقاء في الدنيا والأخرة
اذن لامصالح بين الإنسان والشيطان الا في طريق الشر
قال تعالي في سورة الإسراء
(إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27))
 وإذا كان طريق الشيطان والإنسان واحد ، وتوائمت مصالهم، بعد الإنسان عن الهدي واستحق من الله العقاب .
قال تعالي (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) سورة طه 
معيشة ضنكا : ضيّقة شديدة
والإعراض: هو الانصراف عما أنزله الله من المنهج ، البعد عن التكليفات ، البعد عن الأوامر والنواهي وتجاهلها والإعراض عنها ، وباللغة الدراجه أن نتجاهل التكليف وأن نعطيه عَرْض أكتافنا  وقوله تعالي : {مَعِيشَةً ضَنكاً}[طه: 124] الضنْك هو الضيق الشديد الذي نحاول أنْ نفلتَ منه هنا أو هناك فلا نستطيع، والمعيشة الضَّنْك هذه تأتي لمَنْ أعرض عن الله، لأن مَنْ آمن بإله إنْ عَزَّتْ عليه الأسباب لا تضيق به الحياة أبداً؛ لأنه يعلم أن له ربّاً يُخرِجه مما هو فيه  وإن تعسرت فإنه يعلم أن هناك وعد من الله بأن بعد العسر يسر قال تعالي في سورة الشرح (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5)) .
إذن المعرضون توعدهم الله بالضيق والخوف والحزن وضمن عكس ذلك لمن يتبعون المنهج .
قال تعالي (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38)) سورة البقرة 
المؤمن المتبع للمنهج ، في أمانٍ من الخوف والحزن لأن معه منهج مستقيم يطمئنه علي كل أحواله،
و أما غير المؤمن فحينما تضيق به الأسباب وتُعجِزه لا يجد مَنْ يلجأ إليه  فيقنت ويعيش في حزن أو يعتقد أن الراحه في إنهاء حياته فينتحر.
المؤمن يقول: لي ربٌّ يرزقني ويُفرِّج كَرْبي، كما يقول عَزَّ وَجَلَّ: {الذين آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ الله أَلاَ بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ القلوب} [الرعد: 28] .
لذلك  المؤمنون يقولون: لا كَرْب وأنت رَبٌّ
 وإذا كان الولد لا يحمل هَمّاً في وجود أبيه فله أبٌ يكفيه متاعب الحياة ومشاقها، فلا يدري بأزمات ولا غلاء أسعار، ولا يحمل هَمَّ شيء
وصاحب السلطه يكفي ذويه
فما بالُكَم بمَنْ له رَبٌّ؟
وهو ملك الملوك ، يملك خزائن كل شئٍ ، وبيده كلَ شئٍ ولا يعجزه شيئاً
وسبق أنْ ضرب الشيخ الشعراوي  مثلاً ولله المثل الأعلى،  للتوضيح ببساطة.
قال رحمه الله : هَبْ أن معك جنيهاً ثم سقط من جيبك، أو ضاع منك فسوف تحزن عليه إنْ لم يكُنْ معك غيره،
 فإنْ كان معك غيره فلن تحزن عليه،
فإن كان لديك حساب في البنك فكأن شيئاً لم يحدث.
 وهكذا المؤمن لديه في إيمانه بربه الرصيد الأعلى الذي يُعوِّضه عن كل شيء.
 والحق تبارك وتعالى أعطانا مثالاً لهذا الرصيد الإيماني في قصة موسى عليه السلام مع فرعون، حينما حُوصِر موسى وقومه بين البحر من أمامهم وفرعونَ بجنودهِ من خلفهم، وأيقن القومُ أنهم مُدْركون
 ماذا قال نبي الله موسى؟ قال: {كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: 62] ، يالله ، ما هذا اليقين الذي عليه نبي الله موسي ، كل هذه الأخطار ، وهذه الثقة .
 فهكذا بملْء فيه يقُولُهَا قَوْلةَ الواثقِ ، مع أنها قَوْلة يمكن أن تكذب بعد لحظات، لكنه الإيمان الذي تطمئن به القلوب، والرصيد الذي يثِقُ فيه كُلُّ مؤمن.
إذن: مَنْ آمن بالله واتبع هُدَاه فلن يكون أبداً في ضَنْكٍ أو شِدَّة، فإنْ نزلت به شِدَّة فلن تُخرِج عَزْمَهُ عن الرضى، واللجوء إلى ربه. لأن الله فصل في الكتاب ،في المنهج ، كل شئ ،والمؤمن علي يقين برسائل ومنهجه ووعده
فحينما يبتلي ،يجد في وعد ربه عن الصبر ما يريح صدره ،
قال تعالي(وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)) سورة البقرة  ،يعرف الحق سبحانه وتعالي أن هناك بعض الإبتلاءات في النعم ، ثم يبشر الصابرين، فيذهب الصابر إلي البشري ويضعف مع  الشعور الإبتلاء
وأما المعرض عن الأيات وغير المؤمن يعيش الإبتلاء ،فيضيق صدره ويزداد المه ،فمن آيات الإعجاز القرآني في مسألة الضيق، قوله تعالى: {فَمَن يُرِدِ الله أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السمآء} [الأنعام: 125] .
 فمن أين عرف محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن مَنْ يصعِّد في السماء يضيق صدره؟
 وهل صَعَد أحد إلى السماء في هذا الوقت وجَرَّب هذه المسألة؟
ومعنى ضيق الصدر أن حيِّز الرئة التي هي آلة التنفس يضيق بمرض التهابي يعوق وظيفتها  أو مجهود زائد أو غيره،
 ألاَ تروا أننا لو صعدنا سُلَّماً مرتفعاً ننهج، معنى ذلك أن الرئة وهي خزينة الهواء لا تجد الهواء الكافي الذي يتناسب والحركة المبذولة، وعندها تزداد حركة التنفس لتُعوِّض نَقْص الهواء. والآن وبعد غزو الفضاء عرفنا مسألة ضيق التنفّس في طبقات الجو العليا مما يضطرهم إلى أخذ أنابيب الأكسجين وغيرها من آلات التنفس وحتي في السكان الذين يقطنون من المرتفعات من الجبال والتي ترتفع عن سطح البحر بمئات الكيلوات ،ينقص الأكسجين .
الخلاصة ، في قصة ابينا ءادم عليه السلام الكثير من العبر 
فما الذي اسقط آدم في المعصية؟ 
إنها الغفلة أو النسيان، والحق سبحانه وتعالى يقول: {وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إلىءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} [طه: 115] 
وهل النسيان معصيةحتى يقول الحق سبحانه وتعالى: {وعصىءَادَمُ رَبَّهُ فغوى} [طه: 121] 
نعم النسيان كان معصية في الأمم السابقة. لذلك يقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)وهذا حديث حسن رواه بن ماجه والبيهقي .
كانت الأمم السابقة تؤاخذ على أخطائها ، وتحاسب على جميع أفعالها ، دون أن تكون مبررات الجهل أو النسيان شفيعةً لهم ، أو سببا في التجاوز عنهم ، في حين أن هذه الأغلال قد رُفعت عن هذه الأمة ، استجابةً لدعائهم ، ورحمةً من الله بهم ، كما بيّن الله تعالى ذلك في قوله تعالى : { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به }
 ( البقرة : 286 )وقوله سبحانه : { وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما } ( الأحزاب : 5 ) .
 اتبع ءادم الشيطان عندما نسي ، قال تعالي (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) سورة طه ، وعلينا ب ( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55)) سورة الذاريات ، فالصحبة الصالحة وحلقات العلم والقراءة وسماع الدروس وتتبع كل درب من شأنه التذكرة بالمنهج ،ومرافقة الصالحين 
@ ءادم عليه السلام كان له كل شئ من النعم  ،الإ شيئا ً واحداً فانصرف عن كل ما أتيح له وانشغل بما حذر من الإقتراب منها
قال تعالي ( إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ (118)وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ (119)) سورة طه
وقال تعالي (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35))سورة البقرة
قال تعالي (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ (36))سورة البقرة
 {فَأَزَلَّهُمَا الشيطان} أي أن الشيطان باشر مهمته فأوقعهما في الزلة، وهي العثرة أو الكبوة، أو الخطيئة، وهي مخالفة التعليمات .
{فَأَزَلَّهُمَا الشيطان} أي أن الشيطان باشر مهمته فأوقعهما في الزلة. وهي العثرة أو الكبوة. 
كيف حدث ذلك والله تعالى قد نصح آدم وزوجه ألا يتبعا الشيطان، وأبلغه أنه عدو لهما. في قوله تعالى: { إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الجنة فتشقى} [طه: 117] إذن فالعداوة معلنة ومسبق. في قوله تعالى: {إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الجنة فتشقى} [طه: 117] إذن فالعداوة معلنة ومسبقه
من ماذا أخرجهما؟ 
أخرجهما من العيش الرغيد ، من واسع النعمة في الجنة، ومن الهدوء والإطمئنان في أن رزقهما يأتيهما بلا تعب ولا جهد ولا عناء . 
ولذلك سيأتي الحق سبحانه وتعالي  في آية أخرى ويقول: {فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الجنة فتشقى}
وهنا لابد أن نتساءل: لماذا لم يقل فتشقيا؟  إن هذه لفتة من الحق سبحانه وتعالى، ولنا معها وقفة في وقت أخر ،لأنها تستحق أن تأخذ حقها أخواتي ، ءادم خلق له مهمه وعمل وله من المقومات ما يساعده علي القيام بمهامه في هذه الأرض ،هذه الكلمه أوقفتني ،فلنا لقاء معها إذا أراد الله.
ولنعود لأزلهما الشيطان ،شعرت في هذه الكلمه ،بالسحب وتذكرت كلام رب العالمين للناس ولا تتبعوا خطوات الشيطان ، وكأن الخطوات تنزلق الي المعصية 
وكيف أزل الشيطان آدم وزوجه؟ لقد شرح الله سبحانه وتعالى لنا هذا   فقال تعالى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشيطان لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هذه الشجرة إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الخالدين} [الأعراف: 20] إذن فإبليس قال كاذبا  في صورة نصحٍ أن من يأكل من هذه الشجرة يصبح ملكا  أويصبح خالداً لا يموت. .ولنعلم أن ووسوسة الشيطان تتم بكلام كاذب لتزيين المعصية، والشيطان لا يهمه أي معصية نرتكب ، كل ما يهمه أن نعصي الله ، ولكن هوي النفس يكون لطلب شئ بعينه ،فوسوسة النفس تختلف عن وسوسة الشيطان من حيث الغرض ،والمراد .
ختاما لا مصالح ولا تصالح مع الشياطين ،وعداوهٌ دائمة إلي يومِ الدينِ ، وإطمئنان بإذن الله الرحمن الرحيم ،  ونسأل الله الهداية ، ونستعيذ بهِ من الشيطان الرجيم ، فالإستعاذة، تكفينا منه وتحمينا 
فليس له علينا سلطانُ  به يُغوينا ، وفي الخطايا  ،يوقعنا ويردينا ، وعن الهدي يورينا ،  فقد قال سبحانه وتعالي (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42) سورة الحجر  
فالهم اجعلنا من  عبادك الصالحين ،الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ولا تحرمنا ،خواطر الفجر 
🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷🌷 خواطر الفجر 
مع الفقيرة لله
بنت سينا الدكتورة حنان لاشين 
أخصائية التغذية العلاجية 
المصادر
القرأن الكريم
تفسير الشيخ الشعراوي
موفع الدكتور محمد المنجد